الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (56- 59): .شرح الكلمات: {وقالوا}: أي مشركو قريش. {إن نتبع الهدى معك}: أي إن نتبعك على ما جئت به وندعو إليه وهو الإِسلام. {نتخطف من أرضنا}: أي تتجرأ علينا قبائل العرب ويأخذوننا. {يجبى إليها ثمرات كل شيء}: أي حمل ويساق إليه ثمرات كل شيء من كل ناحية. {رزقاً من لدنا}: أي رزقاً لكم من عندنا يا أهل الحرم بمكة. {بطرت معيشتها}: أي كفرت نعمة الله عليها فأسرفت في الذنوب وطغت في المعاصي. {يبعث في أمها رسولاً}: أي في أعظم مدنها. وهي العاصمة. {إلا وأهلها ظالمون}: بالتكذيب للرسول والإِصرار على الشرك والمعاصي. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {إن نتبع الهدي معك نتخطف من أرضنا} هذا اعتذار اعتذر به بعض رجالات قيش فقالوا نحن نعرف أن ما جئت به حق ولكننا نخشى إن آمنا بك واتبعناك يتالب علينا العرب ويرموننا عن قوس واحدة ونصبح نتخطف منقبل المغيرين كما هو حاصل لغيرنا، وبذلك نحرم هذا الأمن والرخاء وتسوء أحوالنا، لهذا نعتذر عن متابعتك فيما جئت به وأنت تدعو إليه من الكفر بآلهتنا وهدمها والتخلى عنها. فقال تعالى في الرد على هذا الاعتذار الساقط البارد {أولم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا} أي لم يوطئ لهم أرض بلد حرمناه فلا يسفك فيه دم، ولا يصاد فيه صيد، ولا يؤخذ فيه أحد بجزيرة، اليس هذا كافياً في أن يعلموا أن الذي جعل لهم حرماً آمناً قادر على أن يؤمنهم إذا آمنوا وأسلموا، ومن باب أولى. {ولكن أكثرهم لا يعلمون} فهذه علة اصرارهم على الشرك والكفر. إنها الجهل بالله تعالى وعظمته وعلمه وحكمته. ومعنى يجبى أو تجبى إليه ثمرات كل شيء أي يحمل إليه ويساق من انحاء البلاد ثمرات كل شيء من أنواع الأرزاق وكان ذلك رزقاً منه تعالى لأهل الحرم. أفلا يشكرون. وقوله تعالى: {وكم أهلكنا من قرية} أي وكثيرا منأهل القرى أهلكناهم {بطرت معيشتها} لما بطروا عيشهم فلم يشكروا نعمة الله عليهم فأسرفوا في الظلم والمعاصي فأهلكناهم {فتلك مساكنهم} أي ديارهم {لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً} كديار عاد وثمود والمؤتفكات. {وكنا نحن الوارثين} لها، فلم نورثها غيرهم وتركناها خاوية خالية لم تسكن. أما يذكرون هذا فيعلموا بذلك قدرتنا فيتقوا فينا ويتوكلوا علينا ويؤمنوا ويوحدوا ويستقيموا على منهج الحق الذي جئت يا رسولنا به. وقوله: {وما كان ربك} يا أيها الرسول {مهلك القرى} أي أهل المدن والحواضر {حيث يبعث في أمها رسولاً} كما بعثك في أم القرى مكة {يتلو عليهم آياتنا} أي لم يكن من سنة الله تعالى هذا بل لا يهلك أمة حتى يبعث في أم بلادها رسولاً يتلو عليهم آيات الله المبينة للحق من الباطل والخير من الشر وجزاء ذلك قوله تعالى: {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} أي ولم يكن من سنة الله تعالى في عبادة أن يهلك القرى إلا بعد ظلم أهلها. فللإِ هلاك شرطان: الأول: أن يبعث الرسول يتلو آياته فيكذب ويكفر به وبما جاء به. والثاني: أن يظلم أهل القرى ويعتدوا وذلك باظهار الباطل والمنكر وإشاعة الشر والفساد في البلاد وهذا من عدل الله تعالى ورحمته بعباده إنه لأرحم بهم من أنفسهم، وكيف ومن أسمائه وصفاته الرحمن الرحيم. .من هداية الآيات: 2- مظاهر قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته فيما ألقاه في قلوب العرب المشركين الجاهلين من تعظيم الحرم وأهله ليهيئ بذلك لسكان حرمه أمناً وعيشاً كما قال تعالى: {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} قيرش (2- 4). 3- من رحمة الله وعدله أن لا يهلك أمة من الأمم إلا إذا توفر لهلاكها شرطان: 1- أن يبعث فيهم رسولاً يتلو عليهم آيات الله تحمل الهدى والنور. 2- أن يظلم أهللها بالتكذيب للرسول والكفر بما جاء به والاصرار على الكفر والعاصي. 4- التاريخ يعيد نفسه كما يقولون فما اعتذر به المشركون عن قبول الإِسلام بحجة تألب العرب عليهم وتعطيل تجارتهم يعتذر به اليوم كثير من المسؤولين فعطلوا الحدود وجاروا الغرب في فصل الدين عن الدولة وأباحوا كبائر الاثم كالربا وشرب الخمور وترك الصلاة حتى لا يقال عنهم أنهم رجعيون متزمتون فيمنعوهم المعونات ويحاصرونهم اقتصادياً. .تفسير الآيات (60- 61): .شرح الكلمات: {فمتاع الحياة الدنيا وزينتها}: فهو ما تتمتعون به وتتنزهون ثم يزول ويفنى. {وما عند الله خير وأبقى}: أي وما عند الله من ثواب وهو الجنة خير وأبقى. {أفلا تعقلون}: لأن من يؤثر القليل الفاني على الكثير الباقي لا عقل له. {وعداً حسناً}: أي الجنة. {فهو لاقيه}: أي مصيبه وحاصل عليه وظافر به لا محالة. {من المحضرين}: أي في نار جهنم. .معنى الآيتين: .من هداية الآيات: 2- بيان فضل الآخرة على الدنيا. 3- وعد الله للمؤمن بالجنة خير مما يؤتاه الكافر من مال ومتاع وزينة في الحياة الدنيا. .تفسير الآيات (62- 67): .شرح الكلمات: {كنتم تزعمون}: أي أنهم شركاء لي فعبدتموهم معي. {حق عليهم القول}: أي بالعذاب في النار وهم أئمة الضلال. {أغويناهم}: أي فَغَوَوْا ولم نكرههم على الغي. {تبرأنا إليك}: أي منهم ما كانوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون أهواءهم. {وقيل ادعوا شركاءكم}: أي نادوهم ليخلصوكم مما أنتم فيه. {لو أنهم كانوا يهتدون}: أي لما رأوا العذاب وَدُّوا لو انهم كانوا في الدنيا من المهتدين. {ويوم يناديهم}: أي الله تبارك وتعالى. {فعميت عليهم الأنباء}: أي فخفيت عليهم الأنباء التي يمكنهم أن يحتجوا بها. {فهم لا يتساءلون}: أي انقطعوا عن الكلام. {فأما من تاب وآمن}: أي آمن بالله ورسوله وتاب من الشرك. {وعمل صالحاً}: أي الفرائض والواجبات. {فعسى أن يكون من المفلحين}: أي الفائزين بالنجاة من النار ودخول الجنة، وعسى من الله تعالى لا تفيد مجرد الرجاء بل هي لتحقق الموعود به. .معنى الآيات: قال تعالى: {فدعوهم} بالفعل نادوا {فلم يستجيبوا لهم} إذا لا يقدر واحد من الإِنس أو الجن أن يقول هذا كان يعبدني، بل كل معبود يتبرأ ممن عبده كما قالوا في الآية قبل ذي تبرأنا إليك أي منهم ما كانوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون أهواءهم وقوله تعالى: {ورأوا العذاب} بأعينهم فاشتدت حسرتهم وودوا لو انهم كانوا في الدنيا من المهتدين. وقوله تعالى: {ويوم يناديهم} أي ربهم قائلاً {ماذا أجبتم المرسلين}؟ أخبرونا كيف كان موقفكم مع من أرسلنا إليكم؟ هل آمنتم بهم واتبعتموهم أم كذبتموهم وحاربتموهم قال تعالى: {فعميت عليهم الأنباء يومئذ} أي فخفيت عليهم الأخبار التي يمكنهم أن يحتجوا بها فلم يجدوا حجة واحدة ولذا {فهم لا يتساءلون} أي لا يسأل بعضهم بعضاً لأنه سقط في أيديهم وعلموا أنهم صالو الجحيم لا محالة. وقوله تعالى: {فأما من تاب} من هؤلاء المشركين اليوم من الشرك وآمن بالله ولقائه ورسوله وعمل صالحاً فأدى الفرائض والواجبات {فعسى أن يكون من المفلحين} أي الفائزين بالنجاة من النار ودخول الجنة، فهذه دعوة سخية لكل مشرك وكافر وفاسق أنيتخلى عن الباطل المتلبس به ويؤمن الإِيمان الصحيح ويعمل صالحاً بأداء الفرائض فإنه ينجو من النار ويدخل الجنة دار الأبرار فهل من تائب؟!. .من هداية الآيات: 2- براءة الرؤساء في الضلالة من المرؤوسين. 3- التحذير من الغواية وهي الضلال والانغماس في الذنوب والآثام. 4- خذلان المعبودين عابديهم يوم القيامة وتبرؤهم منهم. 5- باب التوبة مفتوح لكل عبد مهما كانت ذنوبه ولا يهلك على الله إلا هالك. .تفسير الآيات (68- 70): .شرح الكلمات: {ويختار}: أي من يشاء لنبوته وطاعته. {ما كان لهم}: أي للمشركين. {الخيرة}: أي الاختيار في شيء. {سبحان الله}: أي تنزيهاً لله عن الشرك. {يعلم ما تكن صدورهم}: أي ما تسر وتخفي من الكفر وغيره. {له الحمد في الأولى}: أي في الدنيا لأنه مولى كل نعمة. {وفي الآخرة}: أي في الجنة. {وله الحكم}: أي القضاء النافذ. {وإليه ترجعون}: بعد النشور وذلك يوم القيامة. .معنى الآيات: تختم بالحمد لله. قال تعالى: {وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} {وله الحكم وإليه تُرجعون} أي وله الحكم أي القضاء في الدنيا والآخرة {وإليه ترجعون} فكما أن الحكم خاص به فكذلك الرجوع إليه، ويوم يرجعون إليه يحكم بينهم بحكمه وهو العزيز العليم. .من هداية الآيات: 2- تعين طلب الاختيار في الأمر كله من الله تعالى بقول العبد «اللهم خر لي واختر لي». 3- تأكيد سنة الاستخارة وهي إذا هم العبد بالأمر يصلي ركعتين في وقت لا تكره فيه صلاة النافلة، ثم يدعو بدعاء الاستخارة كما ورد في الصحيح وهو «اللهم إني أستَخِيرُكَ بعلمك واستقدرك بقدرتك، واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيون، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وفي عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وفي عاجل أمري وآجله فاصرفه عنى واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به». ويسمي حاجته التي همَّ بها من سفر أو زواج أو بناء أو تجارة أو غراسة. 4- تقرير التوحيد وإبطال التنديد. 5- وجوب حمد الله وشكره على كل حال وذلك لتجدد النعمة في كل آن. .تفسير الآيات (71- 75): .شرح الكلمات: {سرمداً}: أي دائماً، ليلاً واحداً متصلاً لا يعقبه نهار. {بضياء}: أي ضوء كضوء النهار. {بليل تسكنون فيه}: أي تنامون فتسكن جوارحكم فتستريح من تعب الحياة. {لتسكنوا فيه}: أي في الليل. {ولتبتغوا من فضله}: أي تطلبوا الرزق من فضل الله في النهار. {ولعلكم تشكرون}: أي كي تشكروا ربكم بطاعته كالصلاة والصيام والصدقة. {ونزعنا من كل أمة شهيداً}: أي أحضرنا من كل أمة من يشهد عليها وهو بيها عليه السلام. {فقلنا هاتوا برهانكم}: أي حججكم على صحة الشرك الذي أنذرتكم رسلنا عواقبه فما قبلتم النذارة ولا البشارة. {فعلموا أن الحق لله}: أي وغاب عنهم ما كانوا يكذبونه من الأقوال الباطلة التي كانوا يردون بها على الرسل عليهم السلام. .معنى الآيات: {أفلا تسمعون} ما يقال لكم. وقل لهم أيضا {أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً} أي دائماً متصلاً لا يخلفه ليل ابداً {إلى يوم القيامة} غلى انقراض هذا الكون وانتهاء هذه الحياة وقيام الناس لربهم من قبورهم يوم القيامة {من إله غير الله} أي أيُّ غله غير الله {يأتيكم بليل تسكنون فيه} فتخلدون إلى الراحة بالنوم والسكون وعدم الحركة فيه، وإذا قلتم لا أحد يأتينا بليل نسكن فيه إذاً فما لكم لا تبصرون هذه الآيات ولا تسمعون ما تحمله من الأدلة والحجج القواطع القاضية بأ، ه لا إله إلا الله، ولا معبود بحق سواه. وقوله تعالى: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار} إذ ليس واجباً عليه ذلك وإنما هو فضل منه ورحمة فالليل تسكنون فيه والنهار تتحركون فتبتغون رزقكم من فضل الله، وبذلك تهيؤون للشكر إذا أكلتم أو شربتم أو ركبتم أو نزلتم قلتم الحمد لله، والحمد لله راس الشكر، كما أن الليل والنهار ظرف للعبادة التي هي الشكر، فالعبادات لا تقع إلا في الليل والنهار، فالصيام في النهار والقيام بالليل والصلاة والصدقات فيهما. وقوله تعالى: {ويوم يناديهم} أي اذكر يا رسولنا لهم تنبيهاً وتعليماً يوم يناديهم الرب تبارك وتعالى فيقول لهم: {أين شركائي الذين كنتم تزعمون} أنهم شركاء لي فعبدتموهم، وهل يرجى أن يجيبوا لا، لا، وإنما هذا السؤال ونظائره هو سؤال تبكيت وتأنيب وتوبيخ وهو ننوع من العذاب النفسي الذي هو أشد من العذاب الجسمي. وقوله تعالى: {ونزعنا من كل أمة شهيداً} أي وأذكر لهم هذا الموقف من مواقف القيامة الصعبة {ونزعنا} أي أحضرنا {من كل أمة شهيداً} يشهد عليها وهو نبيها، ويشهد الرسول أنه بلغ ونصح وأنذر، ويقال لهم: {هاتوا برهانكم} على صحة ما كنتم تعبدون وتدعون. قال تعالى: {فعلموا أن الحق لله} أي تبين لهم أن الحق لله أي أن الدين الحق لله فهو المستحق لتأليه المؤلهين وطاعة المطيعين وقربات المتقربين لا غله غيره ولا رب سواه. .من هداية الآيات: 2- البرهنة القوية على وجوب توحيد الله إذ لا رب يدبر الكون سواه. 3- كون النهار والليل ظرفان للسكون وطلب العيش هما من رحمة الله تعالى أمر يقتضي شكر الله تعالى بحمده والاعتراف بنعمته وطاعته بصرف النعمة فيما يرضيه ولا يسخطه. 4- بيان أهوال القيامة، بذكر بعض المواقف الصعبة فيها. 5- إذا كان يوم القيامة بطل كل كذب وقول ولم يبق إلا قول الحق والصدق.
|